التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى 46 فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى 47 إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى 48 قال فمن ربكما ياموسى 49 قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى 50}

صفحة 4674 - الجزء 7

  ثم فسر ما أجمله في قوله: «قَوْلًا لَيِّنًا»، فقال سبحانه: «فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ» ندعوك إليه «فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ» أي: أطلقهم من اعتقالك «وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ»، وقيل: بذبح الأبناء، واستعباد الرجال، واستحياء النساء، وعلم أنه لا يتم ذلك إلا بإظهار المعجز، فقال: «قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ» بحجة «مِنْ رَبِّكَ» اليد والعصا، وقيل: كأنه قيل لهما: ما الحجة على ما قلتما؟ فقالا: قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ.

  ثم بينا أن سلامة الدارين لمن اتبعهما، فقال سبحانه: «وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى» أي: الحق الذي جئنا به «إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَينَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ» الرسل «وَتَوَلَّى» أي: أعرض عن الحق، فاتصل الأمر والنهي بالوعد والوعيد فـ «قَالَ» فرعون «فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى» وتقديره: فمن ربكما يا موسى وهارون، فحذف لدلالة الكلام عليه واستواء رؤوس الآي، وقيل: إنما قال ذلك تكذيباً، وقيل: بل سأله عمن أرسله، وقيل: في الكلام حذف كأنه قال: فأتياه وقالا له ذلك، فقال مجيباً: فمن ربكما يا موسى؟ «قَالَ» موسى «رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى» قيل: أعطى كل شيء صلاحه وهداه لما يصلحه، عن الحسن، وقتادة. وقيل: أعطى كل حي صورته التي قدر له ثم هداه إلى مطعمه ومشربه ومسكنه ومنكحه إلى غير ذلك، عن مجاهد، وعطية، ومقاتل. وقيل: أعطى كل شيء اليد للبطش،