التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى 46 فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى 47 إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى 48 قال فمن ربكما ياموسى 49 قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى 50}

صفحة 4675 - الجزء 7

  والرجل للمشي، واللسان للمنطق، والعين للبصر، والأذن للسمع، وقيل: «أَعْطَى كُلَّ شَيء خَلْقَهُ» يعني شكله، للإنسان الزوجة، وللبعير الناقة، وللفرس الرَّمَكَةَ، وللحمار الأتان «ثُمَّ هَدَى» لمنكحه، وقيل: أعطى خلقه كل شيء من النعم في الدنيا ثم هداه إلى الرشد والدين، والذي به يتوصل إلى نعم الآخرة دائمًا، عن أبي علي. وقيل: أنعم على خلقه بكل شيء يملكونه، وهداه لمعاشهم ومكاسبهم، عن أبي مسلم.

  · الأحكام: يدل قوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} أنه مع العبد بالحفظ والحراسة، ولا يجوز حمله على المكان؛ لأنه من صفات الجسم.

  ويدل قوله: {أَسْمَعُ وَأَرَى} أنه سامع مبصر، وهما صفتان غير كونه عالماً على ما يقوله مشايخنا خلاف ما تقوله البغدادية أنه يرجع إلى كونه عالماً.

  ومتى قيل: هل هما حالتان؟

  قلنا: كونه سميعاً بصيرًا لا لأن معناه أنه حي لا آفة به، فأما سامعاً مبصرًا مدركاً لسائر المدركات فهي حالة مقتضاة عن كونه حياً عند وجود المدركات.