قوله تعالى: {قال فما بال القرون الأولى 51 قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى 52 الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى 53 كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى 54 منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى 55}
  · اللغة: البال والحال والشأن واحد، متفقة في المعنى.
  والقرون: أهل العصر؛ لاقتران بعضهم مع بعض، وجمعه: القرون، ومنه: القران.
  وأولوا النهى: أولوا العقول، وهو جمع: نُهْيَةٍ، نحو كُشْيَةٍ وكُشًى، وهو شحم في جوف الضب، وأصله من النهى، وسموا أولي النهى؛ لأنهم ينهون النفس عن القبائح، وقيل: لأنه ينتهى إلى رأيهم. يقال: رعيت الغنم فَرَعَتْ لازم ومتعدّ.
  · النظم: يقال: كيف يتصل قوله: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} بما قبله وهو الدعاء إلى التوحيد؟
  قلنا: فيه وجوه:
  قلنا: لما دعاه موسى إلى الإقرار بالبعث في قوله: {أَنَّ الْعَذَابَ} قال إنكارًا: فما بال القرون الأولى لم يبعثوا.
  وقيل: لما أظهر المعجزة وبين التوحيد تحير وخاف الفضيحة فأقبل على نوع آخر من السؤال تلبيساً، وكثيرًا ما يفعل المبتدعة مثل ذلك عند ظهور الحجة.
  وقيل: طال المجلس وأوعده بعذاب النار إن مات كافرًا فقال: ما بال القرون الأولى ماتوا كفارًا وما أعيدوا للجزاء.
  وقيل: لما خوفاه بمثل يوم الأحزاب قال: فما بالهم.
  · المعنى: «قَالَ» فرعون «فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى» يعني فما حال الأمم الماضية، قيل: في الثواب والعقاب، وقيل: فيما دعوت إليه، وقيل: في إعادة القرون.