التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 61 فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى 62 قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى 63 فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى 64}

صفحة 4685 - الجزء 7

  أولها: ضعف عمل (إنْ)؛ لأنها تعمل بالشبه بالفعل وليست بأصل في العمل، كما أنها لما خففت لم تعمل.

  ومنها: «إن هذان» شبه (الذي) في البنا، وقيل: هذا أصله ذا، زيدت الهاء؛ لأن ذا كلمة منقوصة فكملت بالهاء، ثم بعد التشبيه زيدت ألفا للتثنية فصار (هذان)، واجتمع ساكنان من جنس واحد، واحتيج إلى حذف واحد، ولا يكون حذف ألف الوصل؛ لأن أصل الكلمة منقوصة فلا تجعل أنقص، فحذف ألف التثنية؛ لأن النون تدل عليه فلم تعمل (إن) لأن عمله في ألف التثنية، فبقي «إن هذان»، قال صاحب النظم: قال الفراء: والألف دعامة في هذا فلا يزول بحال كما قالوا:

  الذي، ثم زادوا نوناً لتدل على الجمع فقالوا: الَّذِينَ في رفعهم ونصبهم وخفضهم لا يتغير.

  وقيل: المعنى إنه هذان فحذف الهاء، وقيل: لما حذفت الألف من هذا صارت ألف التثنية عوضاً منها فلم تَزُلْ عن حالها، وهي بلغة الحارث بن كعب وخثعم وزبيد وجماعة من قبائل اليمن، وينشدون أشعارًا منها قول القائل:

  إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا ... قَدْ بَلَغَا فِي الْمَجْدِ غَايَتَاهَا