التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 61 فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى 62 قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى 63 فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى 64}

صفحة 4689 - الجزء 7

  اللَّه الويل والعذاب «لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا» أي: لا تكذبوا عليه بأن تنسبوا معجزتي إلى السحر وسحركم إلى أنه حق، وبأن تنسبوا فرعون إلى أنه الرب المعبود وأن ما أدعوكم إليه ليس بحق «فَيُسْحِتَكُمْ» قيل: يستأصلكم «بِعَذَابٍ»، عن قتادة، وابن زيد، والسدي. وقيل: يهلككم، عن مقاتل، والكلبي، وأبي علي. «وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى» أي: خسر وانقطع وجازه عن ثواب اللَّه تعالى من كذب عليه، قاله موسى عظة وتخويفاً «فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ» يعني تفاوض القوم في حديث موسى وهارون وفرعون، وقيل: تشاورت السحرة «وَأَسَرُّوا النَّجْوَى» أي: أخفوا كلامهم، واختلفوا ممن أخفوه على ثلاثة أقوال:

  أولها: من فرعون وقومه، أي: تناجوا فيما بينهم، وأخفوا عنه لما علموا من أمر موسى.

  وثانيها: من موسى وهارون، عن أبي علي، وأبي مسلم. أي: تناجوا مع فرعون في إبطال أمرهما.

  وثالثها: من عوام الناس ليموهوا عليهم لما علموا أنه حق.

  واختلفوا في الذي أسروا، قيل: قالوا: إن كان ساحرًا سنغلبه، وإن كان أمرًا سماويًّا فله أمره، عن قتادة. وقيل: لما قال لهم: {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} قالوا: ما هذا بقول ساحر، عن وهب بن منبه. وقيل: أسروا عن موسى وهارون «إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ»، عن السدي. وقيل: إسرارهم أنهم قالوا: إن غلبنا موسى اتبعناه، وقيل: قالوا: قلب العصا حية ليس من