التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 61 فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى 62 قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى 63 فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى 64}

صفحة 4691 - الجزء 7

  والكلبي. وقيل: صفوفاً، وقيل: مجتمعين على أمركم لا يختلف منكم اثنان، عن أبي مسلم. وقيل: مجتمعين المصلى والمجتمع، عن أبي عبيدة. وإنما قالوا ذلك لأنه أهيب في قلوب العوام لميلهم إلى الكثرة «وَقَدْ أَفْلَحَ» ظفر بالبغية «الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى» من غلب، قيل: معناه أن العلو لمن غلب اليوم، وقيل: أرادوا أن الفوز بالحجة.

  · الأحكام: تدل الآية على أن عادة دعاة اللَّه البداية بالدعاء إلى التوحيد والعظة الحسنة، وأنه الأولى.

  وتدل على أن الفوز بالحجة لا بالغلبة.

  وتدل على أنهم عند العجز عن محاجة موسى عدلوا إلى الطعن عليه بقولهم:

  {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} وهكذا عادة أهل البدع سوء القول في أهل الحق والطعن فيهم والتنفير عنهم، وعن مكالمتهم.

  وتدل على أن القوم كان غرضهم الدنيا؛ لذلك جعلوا الشبهة أن موسى وهارون يريدان الدنيا، فمن أحب الدنيا عاند الحق.

  وتدل على أن الافتراء والمنازعة والنجوى فِعْلُهُمْ ليس بخلق اللَّه تعالى.