التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 61 فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى 62 قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى 63 فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى 64}

صفحة 4695 - الجزء 7

  ويُقال: لِمَ خص الحبال والعصي بالإلقاء، والسحر لا يتم بهما فقط، بل يحتاج إلى آلات كثيرة؟

  قلنا: لأن معظم أمرهم كان ذلك، وكان ذلك العمدة والمقصود.

  و «يُخَيَّلُ إِلَيْهِ» توهم إلى موسى «مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى» تمشي.

  ويُقال: كيف صنعوا حتى خيل أنها تسعى؟

  قلنا: كانوا بقروا العصي وجعلوا فيها الزئبق، وكذلك جعلوا الزئبق في الحبال، فلما أصابه حر الشمس اهتزت وتحركت. وقيل: حفروا أسراباً وأوقدوا فيها النار ثم ألقوا عليها الحبال والعصي، فلما أصابها حر النار تحركت.

  ويقال: كم كان عدد السحرة وكم كانت العصي والحبال؟

  قلنا: اختلفوا فيه، قيل: كانوا سبعين ألف ساحر، ومع كل واحد حبل وعصا، عن أبي مرة. وقيل: تسعمائة، عن ابن جريج. وقيل: كانوا ذا عدد كبير مع كل واحد حبل وعصا، وقيل: اثنين وسبعين مع كل واحد عشرة حبال وعشر عصي، وقيل: كان قدر ثلاثمائة حمل بعير.

  «فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ» قيل: أحس ووجد، وقيل: أضمر «خِيفَةً مُوسَى» قيل: خاف أن يلتبس على العوام فيظنوا المساواة فيشكوا فلا يتبعوه، ويشك مَنْ تَاَبَعَهُ، عن