التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى 77 فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم 78 وأضل فرعون قومه وما هدى 79}

صفحة 4707 - الجزء 7

  أراد تمييز المؤمن من الكافر «فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا» أي: اجعل لهم بضرب العصا طريقاً «فِي الْبَحْرِ يَبَساً» يابساً لا ماء فيه ولا طين لاَ تَخَافُ دَرَكًا أي: لا يدركك فرعون «وَلاَ تَخْشَى» غرقاً في البحر، وقيل: لا يدركك أذية من قومه ولا تخشى شيئاً من أمر البحر، قيل: لا تخاف كون فرعون خلفك ولا كون البحر أمامك، قيل: أوحى اللَّه إليه ليعلم بذلك قومه، وخصه بالذكر تشريفاً «فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ» قيل: في الكلام حذف، أي: فعلوا وساروا فأتبعهم فرعون؛ أي: مضى خلفهم، قيل: لحقهم فرعون «بِجُنُودِهِ» وخيله، والهاء في قوله: «فأتبعهم» كناية عن قوم موسى، قيل: لما علم بخروجهم خرج في جنوده متبعين آثارهم طالبين لهم، فلما رأى الطريق يابسة بسلوكه والماء لا يتحرك دخله رجاء أن يدركهم في البحر، وقيل: لما رأى بنو إسرائيل فرعون وقومه ظنوا أنه يدركهم؛ لأن البحر أمامهم، فضرب البحر بعصاه فصار كالطود، وأصابهم ضباب فلم ير بعضهم بعضاً، فلما انجلت رأوا بني إسرائيل جاوزوا البحر فدخلوا البحر، وقيل: تقدمهم جبريل على رَمَكَةٍ فأتبعه فرعون، وإنما أدخله فرسه «فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ»