التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يابني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى 80 كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى 81 وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى 82 وما أعجلك عن قومك ياموسى 83 قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى 84 قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري 85}

صفحة 4712 - الجزء 7

  لأسلافهم، وهو عطف على ما تقدم، وإسرائيل: يعقوب بن إسحاق «قَدْ أَنجَينَاكُمْ» خصلناكم «مِنْ عَدُوِّكُمْ» أي: من فرعون وعمله وعذابه واستعباده، والنعمة على الأسلاف تكون نعمة على الأخلاف، فلهذا ذَكَّرَهُمْ به على قول من يقول: إنه خطاب لمن كان في عهد رسول اللَّه ÷ «وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأيمَنَ» قيل: وعد موسى جانب الجبل الذي هو الطور مع جماعة من وجوه بني إسرائيل ليستمعوا كلامه، فاختار سبعين وذهب إلى الموعد وأعطي التوراة، عن أبي علي. وقيل: كانت المواعدة بأن يوافي هو وقومه، عن ابن إسحاق «وَنَزَّلْنَا عليكم الْمَنَّ وَالسَّلْوَى» يعني في التيه، وقد بينا ما قيل في المن والسلوى، وكل ذلك نعم عليهم دينًا ودنيا «كُلُوا» هذا إباحة، وليس بأمر بأكل الحلال «مِنْ طَيِّباتِ» قيل: الطيب الحلال، وقيل: الطيب المشتهى «مَا رَزَقْنَاكُمْ» أعطيناكم «وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ» لا تجاوزوا الحد في ذلك، قيل: لا تأكلوا الحرام، وقيل: لا تأكلوا على وجه الحرام بأن يتعمد فيه العصيان لله تعالى، وقيل: لا تظلموا فيه ولا تعصوا، عن ابن عباس، ومقاتل. وقيل: لا تكفروا النعمة، عن الكلبي، وقيل: لا تحرموا الحلال، وقيل: لا تنفقوا في معصية، وقيل: لا تدخروه، وكانوا نهوا عن ذلك، وقيل: لا