قوله تعالى: {يابني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى 80 كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى 81 وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى 82 وما أعجلك عن قومك ياموسى 83 قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى 84 قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري 85}
  تنفقوا نعمتي على معصيتي «فَيَحِلَّ» أي: يجب أو ينزل على اختلاف القراءات فيه، وقد بينا «غَضَبِي» منْ اللَّه إرادة العقوبة «وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى» قيل: هلك، عن أبي علي. وقيل: تَرَدَّى في النار، وقيل: سقط عن رتبته العالية في استحقاق الثواب إلى استحقاق العقاب «وِإنّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا» أي: تاب عن جميع المعاصي، وآمن بالله، وعمل بطاعته «ثُمَّ اهْتَدَى» قيل: لزم الإيمان إلى أن مات عليه، عن قتادة، والثوري. كأنه قيل: ثم استمر على الهداية، وقيل: اهتدى لكيفية العمل بأن عمله، عن زيد بن أسلم. وقيل: علم أن لذلك ثواباً، عن مقاتل، والشعبي، والكلبي. وقيل: استقام على الدين، عن الضحاك. «وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى» يعني ما حملك على العجلة عليهم، قيل: كان اللَّه أمر موسى أن يختار من بني إسرائيل جماعة، وقيل: سبعون من خيارهم ليذهبوا معه إلى الميقات ويأخذوا التوراة، ووقت لهم وقتاً، فتقدمهم موسى وأمرهم أن يتبعوه إلى الجبل، وقيل: ذهب معهم إلى الطور وأقعدهم وتقدمهم، فعاتبه اللَّه سبحانه وقال: ما أعجلك عنهم، «قَالَ» موسى هُمْ أُولاَءِ عَلَى أَثَرِي» يعني قريبون مني صائرون إلى هذا الموضع «وَعَجِلْتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرْضَى» لتزداد رضًى، وكان اللَّه تعالى راضياً عنه ولكن المؤمن كلما ازداد طاعة تجدد له رضًى، والرضى هاهنا المدح والتعظيم.
  ومتى قيل: إذا كان مأمورًا بإحضارهم فَلِمَ تقدمهم؟