التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال ياقوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي 86 قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري 87 فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي 88 أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا 89 ولقد قال لهم هارون من قبل ياقوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري 90}

صفحة 4718 - الجزء 7

  · المعنى: ثمْ بيّن تعالى ما أخبر به موسى من حديث العجل ورجوعه إليهم، فقال سبحانه «فَرَجَعَ مُوسَى» أي: انصرف من الميقات «إِلَى قَومهِ» بني إسرائيل «غَضْبَانَ أَسِفًا» قيل: حزيناً، عن ابن عباس، وقتادة، والسدي. وقيل: الأسف شدة الغضب، وقيل: التلهف لأمرٍ فاته، عن أبي علي. «قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا» أي: صدقاً، قيل: هو وعدهم بالنجاة من فرعون ومجيئهم إلى جانب الطور، ووعده أنه غفار لمن تاب، وقيل: وعدهم أن يعطيهم التوراة منه هدى ونورا ليعلموا ما فيه ويعملوا به فيستحقوا الثواب، عن أبي علي. وقيل: الوعد الحسن الجنة بشرط التمسك بالدين في الدنيا، عن الحسن. وتقديره: ألم يعدكم على التمسك بالتوحيد وعداً حسناً في الدنيا بأن الجنة لكم فما بدا لكم حتى تركتم ذلك وعبدتم العجل، وقيل: الوعد الحسن الميقات المعلوم أربعون يوماً بجانب الطور، عن أبي مسلم. «أَفَطَالَ عَلَيكُمُ الْعَهْدُ» قيل: مدة مفارقتي إياكم، قيل: كان الموعد أربعين جعلوا الليل مفردا والنهار مفرداً، فلما تم العشرون قال السامري: إن موسى ضل حيث لم يرجع، وقيل: عهد أن يرجع بعد ثلاثين يوماً، فلما لم يرجع تحيروا وتمكن منهم السامري «أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ» أي: ينزل عليكم عقوبة منه «فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي» قيل: أنه وعدهم اللحاق به فتركوا المسير على أثره للميقات، وقيل: أمرهم أن يقيموا على أمرهم ودينهم حتى يرجع فخالفوا، وقيل: أمرهم أن يتمسكوا بطريقة هارون وطاعته ويعملوا بأمره إلى أن يرجع فخالفوا، وقيل: