التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6}

صفحة 235 - الجزء 1

  ومنه قيل للحَرَّاثِ: كَفَّار؛ لأنه يغطي الحب، ومنه: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ويقال: كفر النعمة أي سترها، ثم نقل في الشرع فصار اسما لمن يستحق عذابا عظيما، كقولنا: مؤمن، نُقِلَ من التصديق، فصار اسما شرعيا، ولذلك لا يطلق على كل مصدق.

  والاستواء والاعتدال نظائر، فيقال: استوى استواء، إذا اعتدل، وسَوَّاه تسوية إذا عدله، وسوّى الشيء وسطه لاعتداله إلى النواحي.

  والإنذار: التخويف، وهو الإعلام بموضع المخافة ليتقى، وهو إحسان من المنذر، وكلما كان الخوف أشد كانت النعمة بالإنذار أعظم؛ ولذلك كان رسول اللَّه ÷ أعظم الناس منة على أمته.

  · الإعراب: إن: حرف توكيد، ويكون جوابا للقسم، وعملها نصب الاسم ورفع الخبر؛ لأنها كفِعْلٍ قُدِّمَ مفعوله، وتدخل على الاسم والخبر، بمنزلة كان، وبنيت على الفتح كبناء الماضي على الفتح، واسم (إن) الَّذِينَ، وأما خبرها ففيه وجهان:

  أحدهما: الجملة من قولك: «سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَ أَندرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُندرْهُمْ».

  والثاني: أن يكون خبرها (لا يؤمنون)، ويكون «سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» اعتراضا.

  و (سواء) مبتدأ، وخبره ما بعده، كأنه قيل: سواء عليهم الإنذارُ وتَرْكُهُ.

  والألف في أنذرتهم ألف التسوية، وأصلها الاستفهام.

  و (أم) حرف عطف على الاستفهام.

  و (لم) حرف جزم لا يليه إلا الفعل؛ لأن الجزم يختص بالأفعال.

  · النزول: قيل: نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته، عن الضحاك، وقيل: في اليهود،