قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6}
  عن الكلبي، وقيل: في قوم من المنافقين من الأوس والخزرج، وقيل: في مشركي العرب عن الأصم، وقيل: في قوم بأعيانهم من أحبار اليهود كفروا عنادا، وكتموا أمره منهم حُيي بن أخطب، عن ابن عباس، وقيل: في قادة الأحزاب، وقيل: في أهل الختم الَّذِينَ عَلِمَ اللَّه أنهم لا يؤمنون عن أبي علي، وقيل: هو عام في جميع الكفار، يعني أن جميعهم لا يؤمنون، وإن بذل لهم النصيحة، وإن كان بعضهم يؤمن تسلية له.
  ومتى قيل: علم أنهم لا يؤمنون، فلو قدروا على الإيمان وآمنوا لكان فيه تجهيلٌ؟
  قلنا: اللَّه تعالى علم أنهم مع قدرتهم على الإيمان لا يؤمنون، ولم يؤمنوا، ثم هذا باطل بالأمر؛ أليس أمرهم بالإيمان، فأمرهم بتجهيله، ثم إنه تعالى قادر على إيجاد القيامة في هذا الوقت، مع علمه أنه لا يوجدها فيه تجهيل له؟
  · المعنى: لما بين حال المؤمنين عقبه بذكر الكافرين، فاتصل بما قبله اتصال النقيض بالنقيض، فقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» قيل: بجميع ما آمن به المؤمنون، وقيل: بخصلة من خصال الكفر، أي كفر كان، وقيل: كفروا بما أنزل اليك، كما قال: «يُؤْمِنُونَ بِمَا أنْزِلَ إِلَيكَ» وقيل: كفروا بالآخرة «سَوَاءٌ عَلَيهِمْ» أي يستوي حالهم «أَأَنذرتهم» خوفتهم أو لم تخوفهم لا يؤمنون بك، وبما أنزل إليك. و (سواء عليهم) بمعنى يستوي؛ لأن المصدر إذا أقيم مقام الفاعلين كان بمنزلة أسمائهم، يقال: قوم صوم، أي صائمون.
  · الأحكام: الآية تدل على أن في المكلفين من لا لطف له؛ إذ لو كان الفعل لآمنوا، فلما أخبر أنهم لا يؤمنون، علم أنه لا لطف لهم، خلاف قول أصحاب اللطف.