قوله تعالى: {قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي 96 قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا 97 إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما 98}
  مصلحة لقوم، ادع اللَّه أن يتم ذلك، فدعا فحيي بدعائه، وهذا جهل عظيم؛ لأن النبي لا يدعو إلا بإذن اللَّه تعالى، ولا يؤذن في مثل هذا، ولا يدعو لمسألة السامري، واللَّه تعالى لا يحيي ما هو فتنة لأقوام.
  وقيل: معناه علمت أن الذي أنتم عليه ليس بحق وهم لم يعلموا، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أيها الرسول، أي: علمت علماً قليلاً وديناً قليلاً من سنتك وطريقتك ثم نبذتها وانسلخت منها لا بدليل «وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي» أي: دعتني إلى ذلك، عن أبي مسلم.
  ومتى قيل: ما الذي حملهم على قبول قوله في العجل مع رؤيتهم المعجزات وكون نبي بينهم؟
  قلنا: الجهل بِاللَّهِ، واعتقاد التشبيه، ومن اعتقد أنه تعالى جسم لا ينكر منه مثل هذه الأباطيل؛ ألا ترى أن الحنابلة والمشبهة لما اعتقدوا أنه جسم جوزوا عليه الذهاب والمجيء والركوب والصورة والأعضاء، والكرامية لما اعتقدوا أنه في جهة جوزوا حلول الأعراض فيه. وهكذا يكون كل ضال يعتقد شيئاً فيؤديه إلى ضلالات جمة، وقيل: إنهم اعتبروا بخواره ولم يعلموا أنه حيلة منه لجهلهم وقلة تفكرهم.
  «قَالَ» له موسى «فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لاَ مِسَاسَ» أي: ما