التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي 96 قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا 97 إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما 98}

صفحة 4735 - الجزء 7

  دمت حياً تقول لا مساس أي: لا أَمَسُّ ولا أُمَسُّ، أي: لا تخالط أحداً ولا يخالطك أحدٌ، وكان موسى # أمر بني إسرائيل ألا يواكلوه ولا يخالطوه ولا يبايعوه، وقيل: كان موسى # أمر بالمباعدة من المخالفين وترك مخالطتهم، وقيل: حرم موسى كلامه ومخالطته على قومه فتوحش، وقيل: إن اللَّه تعالى نَفَّرَ طبعه حتى مات جائعاً عطشان، وقيل: ألقيت هذه الكلمة على لسانه فكان يعدو في الفيافي ويقول: لا مساس. «وَإنَّ لَكَ» يا سامري «مَوْعِدًا» لعذابك وهو الحشر «لَنْ تُخْلَفَهُ» أي: لا تخالف ذلك الموعد، وبكسر اللام سَتَحْضُرُهُ ولن تجاوزه «وَانظُرْ» يا سامري «إِلَى إِلَهِكَ» أي: الذي اتخذته إلهاً بزعمك «الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا» قيل: أقمت على عبادته ودُمتَ «لَنُحَرِّقَنَّهُ» بالتشديد أي: نحرقنه بالنار مرة بعد مرة، وبالتخفيف لنحرقنه بالنار مرة واحدة، وبضم الراء لنَبْرُدَنَّهُ، وقد بينا ذلك «ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا» لنذرينه في البحر «نسفاً» نَذْرًا، وقيل: أحرقه حتى صار رماداً ثم ذراه في البحر، عن ابن عباس.

  وإنما فعل ذلك إزالة للشبهة عن قلوب العامة.