قوله تعالى: {قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي 96 قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا 97 إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما 98}
  فلما بَيَّنَ استحالة كون الجسم إلهاً بَيَّنَ مَنِ الذي يجب عبادته واتخاذه إلهاً، فقال سبحانه: «إِنَّمَا إِلَهُكُمُ» خالقكم والمنعم عليكم المستحق للعيادة هو «اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا» أي: يعلم كل شيء، وهو لفظ عجيب في الفصاحة.
  · الأحكام: يدل قوله: {سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} أن للعبد فعلاً، وكذلك قوله: «قَبَضْتُ» و «نَبَذْتُ».
  وتدل على أن قوله: {لَا مِسَاسَ} عقوبة له، فإما أن يكون أَمَرَ بمجانبته، أو جعل يهيم في البرية مع الوحش والسباع على ما قاله أبو علي.
  ويدل قوله: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً} مع ترك الإنكار أن الأمر كما قال.
  فأما من حمله على أن الرسول موسي والقبضَ العلمُ والدينُ بخلاف الظاهر وخلاف قول المفسرين، ولحقيقة القبض والنبذ، ولا يبعد أن يكون ذلك لعادة جرت؛ كخلق الولد في الزنا، واستحالة العصير خمرًا عند الادخار، ونحو ذلك.
  ويدل قوله: {لَنُحَرِّقَنَّهُ} أنَّه أحرقه بالنار، فيكون معجزة لموسى.
  وتدل على أن للمحق إبطال مذهب المخالف، ثم بيان مذهبه كما فعله موسى #.
  وتدل على أن المعدوم يسمى شيئاً؛ لأنه معلوم.