التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى 127 أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى 128 ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى 129 فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى 130}

صفحة 4765 - الجزء 7

  الثاني: أنه بمنزلة: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}⁣[التحريم: ٤].

  الثالث: أن آخر النصف الأول طرف أول النصف الثاني.

  · النظم: يقال: كيف اتصل قوله: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي} بما قبله؟

  قلنا: تقديره: كما جزينا من أعرض عن القرآن كذلك نجزي من أسرف في المعاصي.

  وقيل: انقضت الحكاية عن مخاطبة إبليس وابتدأ مخاطبة النبي ÷ وأمته فكأنه قيل هنا: لما قلنا لآدم وإبليس وعداً ووعيداً، فكذلك نجزي من أسرف من قومك، ثم بين بعده شدة العذاب ووعظهم، عن أبي مسلم.

  · المعنى: «وَكَذَلِكَ نَجْزِي» أي: نعاقب جزاء على فعله «مَنْ أَسْرَفَ» قيل: أشرك، وقيل: أسرف في العصيان «وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ» أي: لم يصدق حجته وكتبه ورسله «وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ» من عذاب الدنيا «وَأَبْقَى» أي: أدوم «أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ» أي: لم يكن هادياً لهم ودليلاً «كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ» الأمم الماضية «يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ» يعني في ديارهم، قيل: كانت قريش تتجر إلى الشام فتمر بديار عاد وثمود وترى آثار إهلاك اللَّه تعالى إياهم، وترى مساكنهم خالية منهم،