التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى 127 أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى 128 ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى 129 فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى 130}

صفحة 4766 - الجزء 7

  وقيل: مساكنهم قبورهم؛ لأنها مساكن الموتى «إِنَّ في ذَلِكَ» في إهلاك الأمم «لآياتٍ» لعبر ودلالة «لِأُولِي النُّهَى» لذوي العقول الَّذِينَ يتدبرون في أحوالهم وما كانوا فيه من نعيم الدنيا وعظيم الشأن، ثم صاروا إليه وتركوا النعيم، وبقوا في العذاب الأليم «وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ» الكلمة: وَعْدُ اللَّه تعالى بتأخير العذاب «لَكَانَ لِزامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى» قيل: في الآية تقديم وتأخير، تقديره: ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان العذاب لازماً لهم، واختلفوا في الأجل المسمى، قيل: قيام الساعة، عن قتادة. وقيل: الأجل الذي كتبه اللَّه تعالى لكل أحدٍ أنه يبقيه إليه، واختلفوا في اللزام، قيل: لكان العذاب لازماً لا يفارقهم، وقيل: لكان القتل الذي نالهم يوم بدر لازماً لهم أبداً.

  ثم أمره بالصبر على أذاهم فإن وبَالَهُ عليهم كالأمم الماضية، فقال سبحانه: «فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ» من التكذيب والأذى، وقيل: معناه اصبر حتى يأتيك النصر، فهو وعيد لهم، ووعد للمؤمنين وتسلية لهم أيضاً.

  ثم أمره بما يخص نفسه، فقال سبحانه: «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ» يعني سبحه في