قوله تعالى: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون 1 ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون 2 لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون 3 قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم 4 بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون 5}
  والمراد بالناس: المكلفون، وقيل: قرب وقت المحاسبة، وقيل: قرب محاسبة اللَّه إياهم على أعمالهم، عن أبي مسلم. والمراد به قرب القيامة؛ إذ كان من أشراطها أمر النبي ÷ وعلى آله، عن أبي علي. «وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ» أي: من دنوها وكونها «مُعْرِضُونَ» قيل: عن التفكر فيها والتأهب لها، وقيل: عن الإيمان بها.
  ويقال: لِمَ ذكر الحساب؟
  قلنا: لأنه الكاشف عن حال المكلف والتخويف بذكره أعظم.
  «مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ» قيل: أي شيء من القرآن محدث ينزله سورة فسورة وآية فآية، تنبئهم عن ذكر القيامة والوعد والوعيد، وقيل: الذكر هو محمد ÷، والأول الوجه، وقيل: الذكر ما يذكرهم من أمر الآخرة وتحذيرهم المعاصي، عن أبي مسلم. «إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ» قيل: كلما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل، عن الحسن، وقتادة. وقيل: يلعبون أي يفعلون ما لا يعنيهم ولا يتعظون ولا يعتبرون «لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ» قيل: غافلة من أمر دينهم معرضة عن ذكر اللَّه، عن قتادة وغيره. وقيل: بحرصهم على الدنيا وجمع المال.
  ومتى قيل: أَكُلُّ أعمال الدنيا لعب؟
  قلنا: نعم، إلا ما يكون لآخرته أو لطلب معيشة.