قوله تعالى: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون 1 ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون 2 لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون 3 قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم 4 بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون 5}
  وقيل: لِمَ سماه لعباً؟
  قلنا: لأنه لا عاقبة له كلعب الصبيان؟
  ومتى قيل: كيف عجب من غفلتهم وإعراضهم مع كونهم منكرين للبعث؟
  فجوابنا: لأن أقل أحوال العاقل فيما يورد عليه من المخاوف أن ينظر ويحتاط وهم لم يفعلوا ذلك.
  «وَأَسَرُّوا النَّجْوَى» قيل: أسروا أخفوا، وقيل: أظهروا، وهو من الأضداد، والنجوى أي أخفوا مناجاتهم، وهو كلام ينفرد به اثنان سرًا كان أو جهرًا، قال اللَّه تعالى: {وَقَرَّبنَاهُ نَجيًّا}[مريم: ٥٢]، «الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا» يعني محمدًا ÷ «إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» نفروا الناس عنه بشيئين: أحدهما: أنه بَشرٌ، والثاني: أن ما أتى به سِحْرٌ، وكل واحد منهما جَهْلٌ؛ لأن النبوة تتبع المصلحة لا الصورة، وتثبت بالمعجز، والقرآن معجز؛ إذ لو كان سحرًا لقدر عليه غيره من البشر «أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ» يعني أتقبلون وأنتم تعلمون أنه سحر، وقيل: أيروج عليكم وأنتم بصراء عقلاء «قُلْ» يا محمد لهم «رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ» أي: هو عالم بأسرار المتناجين وبكل قول «فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ» لأقوالهم «الْعَلِيمُ» بأفعالهم وضمائرهم «بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ» قيل: تخليط رؤيا رآها في المنام، عن قتادة. «بَلِ افْتَرَاهُ» أي: