التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين 11 فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون 12 لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون 13 قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين 14 فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين 15}

صفحة 4791 - الجزء 7

  · الإعراب: نصب «يَا وَيْلَنَا» على تقدير: ألزمنا، يا ويلنا ويا ويلتنا لغتان، ومعنى النداء كأنه قال: يا ويلتي تعالَي فهذا حينك.

  · النزول: قيل: نزلت الآيات في قوم من اليمن أتاهم رسول من اللَّه تعالى فكذبوه وقتلوه، فأتاهم بختنصر، فقتلهم وسباهم، وخرجوا من ديارهم منهزمين.

  · المعنى: ثم بيّن تعالى ما نزل بالمكذبين قبلهم، فقال سبحانه: «وَكَمْ قصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً» قيل: أهلكنا، وقيل: قدَّرنا هلاكها، والعرب تسمي الشيء باسم ما لم يجاوزه كقوله: {فَبلَغَنَ أَجَلَهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣١] أي: قربن من ذلك، وإنما يسمى الهلاك قصماً؛ لأنه يقصم الظهر أي: يكسره «كَانَتْ ظَالِمَةً» لنفسها بعصيان اللَّه تعالى «وَأَنْشَأْنَا» أحدثنا وخلقنا بعد إهلاك تلك القرية «قَوْمًا آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا» قيل: هذا يتصل بما قبله، تقديره: وكم أهلكنا من قرية كانت ظالمة «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا» عذابنا «إِذَا هُمْ مِنْهَا» أي: من قريتهم «يَرْكُضُونَ» أي: يخرجون سراعاً هاربين رجاء النجاة وطلباً لها «لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ» يعني قيل لهم: لا تخرجوا،