التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون 26 لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون 27 يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون 28 ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين 29 أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون 30}

صفحة 4810 - الجزء 7

  ارْتَضَى» أي: ليس لهم محل الشفاعة إلا بإذنه كسائر العبيد «إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى» قيل: ارتضى عمله، وقيل: لمن ¥، عن مجاهد. وقيل: هم أهل الشهادة بأن لا إله إلا اللَّه، عن ابن عباس. وقيل: هم المؤمنون المستحقون للثواب «وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» أي: من خوف عذابه لمكان وعده ووعيده خائفون، ومن كان بهذه الصفة كيف يوصف بأنه ولده «وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ» قيل: من يقل منهم ذلك على ما زعم الكفار أنهم آلهة، يعني أن حالهم كحال سائر العبيد في استحقاق الوعيد، وقيل: عنى به إبليس؛ لأن أحداً من الملائكة لم يقل ذلك، وليس بصحيح؛ بل الوعيد للجميع معلق بشرط، ولأن إبليس ليس من الملائكة، ولأنه لم يقل: إنهم قالوا «فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ» يعني نكافئه عذاب جهنم بما قالوا «كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ» الَّذِينَ يصفون اللَّه بما لا يليق به «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا» استفهام والمراد به التقرير، يعني هو الذي يفعل هذه الأشياء لا يقدر غيره عليها، فهو الإله المستحق للعبادة دون غيره «أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا» قيل: تقديره: كانتا ذات رتق فجعلناهما ذات فتق، والمعنى: قيل: كانتا ملتزقتين منسدتين ففصل اللَّه بينهما بالهواء، عن ابن عباس، والحسن،