التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون 31 وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون 32 وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون 33 وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون 34 كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون 35}

صفحة 4816 - الجزء 7

  بِهِمْ» أي تتحرك وتميل وتضطرب بكم فتمنعكم من التصرف، وقيل:

  مستقرة، عن قتادة.

  ومتى قيل: لم احتيج إلى الجبال في إمساك اللَّه تعالى إياها؟

  قلنا: اللَّه تعالى قادر على أن يمسكها ويسكنها من غير جبال، وعلى أن يسكنها، إلا أنه إذا علم أن المصلحة في الجبال خلقها، ولأنه أودع في الجبال من الجواهر والمنافع والمياه ما فيه المصلحة للخلق، ولأن فيه الاعتبار بتدبير الأسباب، قال أبو بكر أحمد بن علي: لو لم تثقل لأمكن العباد تحريكها بما معهم من القدرة، فجعلت على صفة لا يمكنهم تحريكها، وهذا لا شيء؛ لأنه تعالى إذا أسكنها حالاً بعد حال يمنع غيره من تحريكها، ولا يقال ما فيه من السكون باق فيكون الطارئ أولى؛ لأن ثقل الأرض موجب للهوي والحركة، فلا بد أن يخلق السكون لأنه يبقى فلا وجه للسؤال.

  «وَجَعَلْنَا فِيهَا» في الرواسي وهي الجبال «فِجَاجًا» أي: طرقاً واسعة بين الجبال لولا ذلك لما أمكن السلوك.

  ثم بيّن الفجاج، فقال: «سُبُلاً» أي: طرقاً «لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ» أي: لكي يهتدوا،