التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون 31 وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون 32 وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون 33 وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون 34 كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون 35}

صفحة 4817 - الجزء 7

  قيل: لدينهم إذا نظروا فيها واستدلوا بها على توحيد اللَّه وصفاته وعدله، وقيل:

  ليهتدوا لمقاصدهم ومواطنهم والخروج إلى أقطار الأرض وطلب المعيشة والتجارات «وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظاً» يعني كالسقف وكل ما علاك فهو سقف وسماء قيل: محفوظ من أن يسقط على الأرض، كقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ}⁣[فاطر: ٤١]. وقيل: محفوظ عن أن يطمع أحد أن يتعرض لها بنقض، أو يلحقها بلاء أو هرم أو غيرهما من المضار، عن الحسن. وقيل: محفوظاً من الشياطين التي ترمي بها، عن أبي علي. ونظيره: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}⁣[الحجر: ١٧]. «وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا» أعني حجج السماء وما جعل فيها من دلالات الحدث والحاجة إلى المحدث المدبر «مُعْرِضُونَ» يعني أعرضوا عن التفكر فيها والاستدلال بها، وإنما قال آيات؛ لأن في السماء آيات كثيرة قد بيناها، منها خلقها، ورفعها، وإمساكها، وتسكينها، وتزيينها، والأفلاك الدائرة فيها، والنجوم السائرة والثابتة إلى غير ذلك «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» قيل: الفلك مجرى الشمس والقمر والنجوم، عن الضحاك. وقيل: هو جسم تدور عليه الكواكب كفُلْكَةِ المغزل، عن الحسن. وقيل: كهيئة حديدة الرحى، عن مجاهد. وقيل: الفلك موج مكفوف تجري فيه النجوم، وقيل: الفلك السماء التي فيها تلك الكواكب، عن قتادة. والصحيح أن في السماء مقر الملائكة وهو فوق الأفلاك، ثم