قوله تعالى: {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون 36 خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون 37 ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين 38 لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون 39 بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون 40}
  وجوهًا، وقيل: لو يعلمون حالهم فيها تسارعوا إلى الإيمان بها وصدقوا الوعد والوعيد.
  · المعنى: ثم بيّن تعالى أنهم مع كثرة الأدلة عدلوا عن الحق وسلكوا طريقة الاستهزاء، وهكذا حال الجاهل لا يفكر في الأدلة إذا سمع ما يخالف عادته وطريقته، فقال سبحانه: «وَإذَا رَآكَ» يا محمد «الَّذِينَ كفرُوا» وأنت تعيب دينهم وتدعو إلى التوحيد والعدل والشرائع، قال أبو مسلم: هم الَّذِينَ ذكر اللَّه تعالى في أول السورة في قوله: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}[الأنبياء: ٣] فأخبر عنهم في هذا الموضع بالاستهزاء «إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا» أي: ما يتخذونك إلا هزواً وسخرية، ثم يقول بعضهم لبعض: «أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ» قيل: يعيبها من قول العرب: فلان يذكر فلانًا، أي بِعَيب أو بمدح، وقيل: يذكرها بالعجز، وأنها جماد لا تضر ولا تنفع «وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ» قيل: بكتابه المنزل، وقيل: بذكر توحيد الرحمن «هُمْ كَافِرُونَ» أي جاحدون، عَجَّبَ اللَّه تعالى نبيه منهم حيث جحدوا الحي المنعم القادر الخالق الرازق، واتخذوا ما لا ينفع ولا يضر ولا هو حي ولا قادر بل جماد، ثم دعاهم إلى تركها إلى عبادة المنعم فاتخذوه هزواً، وهم أحق بالهزو لمن تدبر حالهم «خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ» قيل: خلق الإنسان أي: على جهة العجبة في أمره، عن قتادة،