التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون 61 قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا ياإبراهيم 62 قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون 63 فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون 64 ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون 65}

صفحة 4845 - الجزء 7

  وقيل: لعلهم يشهدون عقابه وما يُصْنَعُ به أي: يحضرون، عن الضحاك، والسدي، وابن إسحاق. وقيل: لعلهم يشهدون ما يفعل به فيعتبرون فلا يفعل أحد بعد هذا مثل ذلك «قَالُوا أَأَنْتَ» في الكلام حذف، أي: أتوا به ثم قالوا له: أأنت «فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ» فأجاب «قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهم هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ» اختلفوا في معناه وتقديره على وجوه، فقيل: هو مقيد بقوله: «إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ» وقوله: «فَاسْأَلُوهُمْ» اعتراض بين الكلامين كقولك: لي عليه دراهم فسله إن أقر، تقديره: هو الذي فعله إن نطق فسأله إن كان ينطق، يعني إن قدر على النطق قدر على الفعل، عن أبي علي، و القتبي. وقيل: إنه يخرج مخرج الخبر، وليس بخبر؛ إنما هو إلزام يدل عليه الحال كأنه قال: بل تنكرون أن يكون فعله كبيرهم هذا، والفاء تارة تكون بلفظ السؤال وتارة بلفظ الأمر كقوله: {فَأْتوُا بِسُورَةٍ مِن مِّثلِهِ}⁣[البقرة: ٢٣] وتارة بلفظ الخبر، وربما يكون أحد ذلك أبلغ، وهذا كما يقال للخصم: إن اللَّه أصمك وأعماك، ولا يراد الحقيقة، وأراد أنه لا يقدر على حجة، وقيل: إنه معلق بما قبله، تقديره: إن كانوا آلهة فقد فعله كبيرهم ليختص بالإلهية، وقيل: إنه كناية عن غير مذكور، أي: فعله مَن فعله، عن الكسائي.