قوله تعالى: {قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون 61 قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا ياإبراهيم 62 قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون 63 فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون 64 ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون 65}
  فأما ما ذكره بعضهم أنه أراد الخبر، وأراد أن كبيرهم غضب لما عُبِدُوا معه فكسرهن، ورووا أن إبراهيم كذب ثلاث كَذِبَاتٍ: أحدها: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وثانيها: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ}[الأنبياء: ٦٣]، وثالثها: قال لسارة: هي أختي، وهذا مع كونه من الآحاد من أضعف الروايات، ولعله من دسيس الملحدة؛ لأن الكذب لا يجوز على الأنبياء، ولو جاز ثلاثة جاز أربعة وأكثر فلا تبقى ثقة بقوله، ولا يقال: أُذِنَ له فيه؛ لأن اللَّه تعالى لا يأذن في القبيح والكذب، على أن لكل شيء من ذلك تأويلاً صحيحاً، فإن ثبت فلماذا يحمل على الكذب؟ وقوله: {إِني سَقِيمٌ}[الصافات: ٨٩] سنبينه في موضعه، ولعله كان سقيماً فما المانع من ذلك، وقيل:
  عندكم {إِني سَقِيمٌ} في ديني، وقيل: في قوله: سارة أختي في الدين كقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠] بغرض ذلك.
  ومتى قيل: لِمَ قال: «فاسألوهم» ولم يقل: فاسألوه وإنما أراد الكبير؟
  قلنا: لأنه كان منهم كالأمير عندهم، يعظمونه أكثر من تعظيم ما سواه، فخاطب بلفظ العظماء على حسب اعتقادهم واستهزائهم، وقيل: أراد فاسألوهم بأجمعهم مع كبيرهم.
  «فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ» قيل: تلاوموا بينهم ورجع بعضهم إلى بعض كقوله: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النور: ٦١]، وقوله: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[البقرة: ٥٤] وقيل: