التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين 153}

صفحة 652 - الجزء 1

  والثامن: قيل: اذكروني بمدارسة الكتاب والسنة وتعليمها وتعلمها أذكركم بالمدح والثناء، فيكون أمرًا بذكر اللَّه والدعاء إلى معرفته ومعرفة رسوله وشرائعه، عن القاضي.

  «وَاشْكُرُوا لِي» أي اشكروا نعمتي بالطاعة «وَلاَ تَكْفُرُونِ» بالعصيان.

  · الأحكام: الآية تدل على أن مَنْ ذَكَرَ اللَّه تعالى فاللَّه تعالى يذكره، وعن ابن عباس: من ذكر اللَّه تعالى من أهل طاعته ذكره اللَّه بخير، ومن ذكره من أهل معصيته ذكره اللَّه تعالى باللعنة.

  فإن قيل: إنه تعالى ذَكَرَنَا ابتداء بِخَلْقِهِ إيانا ونعمه علينا، فكيف علق ذلك بذكرنا؟

  قلنا: المراد ذكره إيانا على وجه التعظيم والمدح وذلك يتعلق بالشرط.

  وتدل على أن جميع العبادات تدخل في الذكر لذلك أوجب ذكره، ولأنه متى نظر لمعرفة أو لحل شبهة أو عزم على طاعة أو استغفر لذنب أو أقر بالربوبية أو أثنى عليه بأنواع التسبيح أو صلى وصام وأتى سائر الشرائع فهو ذاكر له تعالى، فأما ذكره إيانا فالمراد الثواب والرحمة والجزاء.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ١٥٣}

  · اللغة: الاستعانة: طلب المعونة، وحقيقته: الازدياد في القوة، وقد يستعان بالآلات ليتهيأ الفعل فيكون كزيادة قوة.

  والصبر: حبس النفس عما تدعو إليه من الأمر، والصبر صفة مدح.

  والصلاة في اللغة: الدعاء، وفي الشرع: اسم لأفعال مخصوصة معلومة أولها التكبير وآخرها التسليم، فبالتكبير تدخل فيها، وبالتسليم تخرج منها.