قوله تعالى: {ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم 76 ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين 77 وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين 78 ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين 79 وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون 80}
  وقيل: هو كل ما يلبس من ثياب ودرع، وقيل: هو الدرع سمي لبوساً لأنه يلبس، كما يقال للبعير الذي يُرْكَبُ رَكُوب، وأصل اللباس من الاختلاط والاجتماع، ومنه سميت المرأة لباساً، والليل لباسا لمَّا ستر بظلفته الناس.
  والإحصان: الإحراز، وأصله من المنع، ومنه يقال لكل ممنوع: محصن، ومحصنة، للمرأة العفيفة.
  · الإعراب: «ونوحاً» قيل: نصب بمحذوف أي: اذكر نوحاً، وقيل: عطفاً على «فنجيناه».
  وقوله: «وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ» جمع في موضع تثنية، كقوله: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}[النساء: ١١]
  «وَالطَّيْرَ» قيل: نصب ب «سخرنا»، وقيل: يجوز أن يكون موضعه خفضاً بتقدير:
  سخرنا الجبال مع الطير، ولما أسقطت (مع) انتصب.
  · المعنى: ثم عطف قصة نوح وداود على قصة إبراهيم # ولوط فقال «وَنُوحاً إِذْ نَادَى» أي دعا ربه فقال: «رَبِّ لَا تَذَرْ» {عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}[نوح: ٢٦] وقوله: {أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ}[القمر: ١٠]، وغير ذلك مما نطق به القرآن «مِنْ قَبْلُ» أي: من قبل إبراهيم ولوطاً «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ» أي: أجبناه في دعائه «فَنَجَّينَاه وَأَهْلَهُ» يعني مَنْ آمن به