قوله تعالى: {ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم 76 ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين 77 وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين 78 ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين 79 وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون 80}
  «مِنَ الْكَرْب الْعَظِيمِ» أي: من الغم العظيم، قيل: من العذاب والغرق الذي نزل بقومه، عنَ أبي مسلم، وقيل: ما كان تلقاه من الأذى طول تلك المدة، وتحمل الاستخفاف من السقاط من أعظم الكرب «وَنَصَرْنَاهُ» أي: منعناه بالنصرة منهم حتى لم يصلوا إليه بسوء، وقيل: نصرناه على «الْقَوْمِ» أي: أَعَنَّاهُ، و (مِنْ) بمعنى (على)، عن أبي عبيدة. «إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ» وقد مضت قصة نوح.
  «وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ» قيل: الحرث كان زرعاً وقعت فيه الغنم ليلاً، عن قتادة. وقيل: كان كَرْماً قد نبت عناقيده، عن ابن مسعود، وشريح.
  واختلفوا في معنى: «يَحْكُمَانِ» وقيل: شرَعَا في الحكم من غير قطع، وقيل: طلبَا الحكم ولم يحكما، وقيل: اجتهدا ليحكما ولم ينفذا. «إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ» أي: رعته ليلاً فأفسدته «وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ» لا يغيب عنا منه شيء «فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيمَانَ» أي: فتحنا له طريق الحكمة لما اجتهد في طلب الحق من غير عتب على داود، وقيل: فهم سليمان قيمة ما أفسدت الغنم «وَكُلًّا» من داود وسليمان «آتَينَا» أعطينا «حُكْمًا وَعِلْمًا» النبوة، وقيل: الحكمة، وقيل: إصابة الحق والعمل على الدين والشرع.