قوله تعالى: {ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم 76 ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين 77 وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين 78 ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين 79 وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون 80}
  ويقال: كيف كان قيمة الحرث، وما الذي حكَمَا به؟
  قلنا: اختصم إليه صاحب الحرث وصاحب الغنم التي أفسدت الحرث، فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان: عندي غير هذا بما بيّن اللَّه تعالى، قال: وما ذاك؟ قال: تدفع الكرم إلى صاحب الغنم، فيقوم عليه حتى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم، فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفع كل واحد ماله إلى صاحبه، عن ابن مسعود.
  وقيل: قضى بما قال سليمان، قال الحسن: كان الحُكْم ما قضى به سليمان، فرجع إليه داود فيما حكم به «وَسَخَّرْنَا» يعني التسخير بالطاعة، وكان تصرفه كما شاء «مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيرَ» فيه تقديم وتأخير تقديره: سخرنا الجبال والطير يسبحن مع داود، وقيل: كان الجبال والطيور تسبح معه معجزة له بالغداة والعشي، وقيل: التسبيح التسيير بعرشه مع الجبال والطير متى شاء، والتسبيح السير في الْأَرْض، ومنه: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}[المزمل: ٧] قيل: جعل السير تسبيحاً لما فيها من الآية التي تدعو إلى تسبيح اللَّه وتنزيهه، وكذلك تسخير الطير [له] تدعو إلى تسبيح مسخرها، [يدل على أن مسخرها قادر لا