التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم 76 ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين 77 وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين 78 ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين 79 وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون 80}

صفحة 4861 - الجزء 7

  يجوز عليه مما يجوز على العباد]، عن أبي علي. وقيل: يسبحن مع داود، عن وهب.

  وقيل: تصلي، عن قتادة. وهذان الوجهان يبعدان؛ لأن تسبيح الجماد وصلاته تستحيل.

  فإن قال: خلق اللَّه فيه التسبيح؟

  قلنا: فالمسبح هو اللَّه تعالى فلا يضاف إلى الجبال، وقيل: كانت الطيور تُسَبِّحُ معه، وهذا قريب بأن يقال: يفهمه اللَّه وينطقه، وإن لم يكن مكلفاً بمنزلة الصبي المراهق ويكون معجزة له.

  «وَكُنَّا فَاعِلِينَ» ذلك «وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ» قيل: الدرع، قال قتادة: أول من صنع الدرع داود، واللَّه تعالى جعل الحديد في يده كالعجين كما قال تعالى:

  {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}⁣[الحديد: ١٠] وقيل: إن داود سأل مَلَكًا ماذا يقول له أهل السماء، فقال: يقولون: نعم العبد لو أكل من كسب يده، فسأل اللَّه تعالى أن يعلمه كسباً، فعلمه صنعة الدرع لتحرزكم وتمنعكم «مِنْ بَأْسِكُمْ» أي: من حربكم «فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ» لهذه النعم.

  · الأحكام: تدل الآية على نعمة عظيمة على نوح حيث نَجَّا من قومه الَّذِينَ آمنوا به معه، وأهلك من كفر به بالغرق.

  وتدل على أن إجابة الدعاء والنصرة يجريان مجرى الثواب ولا يستحقهما إلا المؤمنون لذلك خص به نوحاً.