قوله تعالى: {ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين 81 ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين 82 وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين 83 فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين 84 وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين 85 وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين 86}
  طلب الحاجة، ومثله قول موسى: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}[القصص: ٢٤] وما روي أن أيوب طرح في كناسة سبع سنين وأنه أكله الدود، وكان متى سقط منه دُودة حملها ووضعها في موضعها من جسده، من أباطيل الروايات لما فيه من التنفير، وليس على وجه الأرض أكرم على اللَّه تعالى منه.
  ومتى قيل: هل يصح ما روي أنه لم يَشْكُ مدة ثم شكا؟
  قلنا: الشكاية إلى اللَّه تعالى وسؤاله إِزالةَ المضرة حَسَنٌ، وتركه إذا علم أنه من مصالحه، فكلا الوجهين جائز.
  وقيل: إن هذا دعاء وليس بشكاية، ولذلك قال: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} وفي هذه الحالة لم يسأل قطعاً، وإنما كشف عن حاله متوكلاً على لطيف تدبيره، ومظهرًا للرضى به.
  ومتى قيل: ما الفائدة في تعبده بالصبر؟
  قلنا: مصلحة له ولما عليه من الثواب، وليُقتدَى به، ولذلك قال: «وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ»، واختلفوا، فقيل قال: «مسني» بعد أن كان صابرًا.
  وفي أي وقت ولأي سبب قال؟
  قلنا: لبث في المحنة مدة حتى ضجر، وقيل: إن بعض من كان يتبعه قال: لقد أذنب عظيماً حيث فعل اللَّه به هذا، فضاق به صدره، فدعا اللَّه، عن ابن عباس.
  وقيل: إن إبليس وسوس إلى امرأته بما ذهب من مالها وولدها، فبكت وفارقت