التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 87 فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين 88 وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين 89 فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين 90}

صفحة 4874 - الجزء 7

  قلنا: كتب كراهية التضعيف في الخط، وقيل: أراد ننجي فحذفت إحدى النونين، وقيل: لأن النون الثانية لما سكنت وكان الساكن غير ظاهر على اللسان حذفت كما فعلوا بنون [إنْ] إذا كانت مدغمة في اللام.

  وقرأ. الأعمش: «رُغْبًا ورُهبًا» بضم الراءين وسكون الغين والهاء، والقراء على فتح الراءين والغين والهاء، وهما لغتان نحو: سَقَمٍ وسُقْمٍ، وعَدَمٍ وعُدْمٍ، وبَخَلٍ وبُخْلٍ.

  · اللغة: النون: الحوت، ويسمى ذا النون؛ لأنه لبث في بطن الحوت أياماً حياً ثم خرج.

  والمغاضبة: مفاعلة من الغضب، والمفاعلة أكثر ما تكون بين اثنين كالمناظرة والمخاطبة والمقابلة، وقد تجيء وتكون من واحد كقولهم: سافرت، وعاقبت، وشارفت الأمر، وهي هاهنا من هذا الباب، قال ابن القتبي: يقال: غاضَبَ يغاضب فهو مُغَاضِبٌ.

  القدَر والقدْر بفتح الدال وسكونها: ما يقدره اللَّه تعالى، وهو أيضاً مبلغ الشيء، ونقدر قيل: هو من التقدير، يقال: قَدَرَ وقَدَّرَ بمعنى، تقول العرب: قَدَّرَ اللَّه الشيء يُقَدِّرُهُ تقديراً، وقَدَرَهُ يَقْدُرُهُ قدرًا، ومنه: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ}⁣[الواقعة: ٦٠] على قراءة من خفف، {وَالَّذِي قَدَرَ فَهَدَى}⁣[الأعلى: ٣] فليس من القدرة في شيء، وقيل: هو التضييق، ومنه: {قُدِرَ عَلَيهِ رِزقُهُ}⁣[الطلاق: ٧].