التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين 91 إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون 92 وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون 93 فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون 94 وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون 95}

صفحة 4883 - الجزء 7

  وإعانة الملهوف، والكف عن الظلم «فَلا كفْرَانَ لِسَعْيِهِ» أي: لا جحود لإحسانه في عمله؛ بل يشكر ويثاب عليه «وَإنَّا لَهُ كَاتِبُونَ» أي: نكتب عمله ونحفظه؛ ليجازى به من خير أو شر، وقيل: كاتبون أي: ضامنون جزاءه حتى نوفر على عاملها مجموعه، ومنه: الكتيبة؛ لأنه ضم رجل إلى رجل «وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا» قيل: ممتنع عليهم لأن هناك تكليفا، وأصل الحرام المنع، ومنه الحَرَمُ «أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ» فيه قولان: منهم من قال: (لا) صلة وهو محذوف، ومنهم من قال: يثبت.

  فمن قال بالأول اختلفوا، قيل: حرام أن يرجعوا بعد الهلاك إلى الدنيا، أو، قيل: حرام على أهل قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون عن كفرهم على حدٍّ ينفعهم، وقيل: حرام على قرية أمتناها بآجالها رجوعهم إلى الدنيا؛ لأنا قضينا أنهم لا يرجعون.

  ومن قال (لا) مثبتة، اختلفوا، فقيل: الحرام بمعنى الواجب، قالت الخنساء:

  حرامٌ عليَّ لا أرى الدهرَ باكياً ... على شَجْوِه إلا بَكَيْتُ على [صَخْرِ]

  وتقديره: واجب عليهم وحتم ألّا يرجعوا إلى الدنيا وحال التكليف، وقيل: حرام ألّا يرجعوا بعد الممات بل يرجعون أحياء للجزاء، عن