قوله تعالى: {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين 91 إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون 92 وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون 93 فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون 94 وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون 95}
  بضع وسبعين فرقة، واحدة ناجية»، ودلت الآية ونحوها على ذلك، وفي بعضها ممدوح كقوله: «اختلاف أمتي رحمة»، فكيف الجمع بينها؟
  فجوابنا: كل ما الحق فيه واحد كأصول الدين من التوحيد والعدل والنبوات وأصول الشرائع، وما عُلِمَ من دينه ضرورة فالخلاف فيه يَعْظُمُ، ثم قد يبلغ حد الكفر، ويبلغ حد الفسق، والمكلف مكلف بشيء واحد، فأما الاجتهاديات من فروع الشرع فالأكثر أن كل مجتهد فيها مصيب، ومنهم من قال: واحد مخطئ معذور مأجور، وههنا الخلاف غير مذموم.
  والفرق بينهما أن في الأول التعبد لا يختلف ولذلك لا يجري فيه النسخ، والثاني يتبع المصلحة، والمصالح تتغير.
  فأما الخبر فقد تأوله العلماء على وجوه، أصحها ما قاله مشايخنا أنه ورد في الاجتهاديات وأن كل مجتهد مصيب، فاختلافهم رحمة وتوسعة، كما أن اجتماعهم رحمة وحجة، وهذا الذي يختص بأمته ÷ فوجب حمل قوله: «خلاف أمتي رحمة» على ذلك.
  ومنهم من قال: معناه في زمانه؛ لأنهم إذا اختلفوا رجعوا إليه.
  ومنهم من قال: اختلاف الهمم والصناعات وأمور الدنيا، وهذا لا يصح؛ لأنه لا يختص بهذه الأمة.