التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون 96 واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين 97 إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون 98 لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون 99 لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون 100}

صفحة 4891 - الجزء 7

  من كل أَكَمٍ مرتفع من الأرض، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: من القبور، عن مجاهد. وقراءته بالجيم تفسير القراءة الظاهرة، «يَنْسِلُونَ» يخرجون «وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ» يعني الصدق بالله تعالى وأنبيائه وعدوا بالقيامة والجزاء فكان كما وعدوا «فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا» شاخصة مفتحة بارقة ينظرون إلى تلك الأهوال «يَاوَيْلَنَا» أي: يقولون: يا ويلنا «قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا» أي: اشتغلنا بأمور الدنيا وغفلنا عن هذا اليوم ولم نتفكر فيه «بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ» بأن عصينا اللَّه تعالى وعبدنا غيره، فاعترفوا على أنفسهم بالذنب والغفلة، فخاطب اللَّه تعالى هَؤُلَاءِ المشركين فقال: «إِنَّكُمْ» أيها المشركون «وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» يعني الأوثان؛ لأن (ما) هي لما لا يعقل، كما أن (مَنْ) لِمَن يعقل «حَصَبُ جَهَنَّمَ» قيل: وقودها، عن ابن عباس. وقيل: حطبها، عن مجاهد، وقتادة، وعكرمة. ويُقال: إن الحصب بلغة اليمن الحطب، وروي عن عكرمة أنها حبشية، قال ابن عرفة: فإن أراد موافقة اللغتين، أوأن العرب أخذته عن الحبشة فصارت لهم لغة صحيحة، وإن أراد لغة حبشية فليس يصح؛ لأن القرآن ليس فيه لغة حبشية؛ بل كله عربي كما قال تعالى {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}⁣[الشعراء: ١٩٥] وقيل: يُرْمَوْنَ بها كما يرمون بالحصباء، عن الضحاك، وأبي مسلم، قال: إنما يحصب بهم، أي: يرمى بهم، ويقال: أصل