التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين 11 يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد 12 يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير 13 إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد 14 من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ 15}

صفحة 4922 - الجزء 7

  منه، كأنه قال: الذي غيره خير منه عندي، ثم يحذف الخبر من الثاني والابتداء من الأول، كأنه قال: عندي شيء غيرها [خير منه]، وقيل: «يدعو» يعني يقول، والخبر محذوف تقديره: يقول لمن ضره أقرب من نفعه هو آلهة، قال عنترة:

  يدعون: عَنْتَرُ والرماح كأنهأ ... أَشْطَانُ بِئْرٍ في لَبَانِ الأدهم

  أي: يقولون: يا عنتر، وقيل يدعو من أجله.

  قوله: {ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} وموضع (ذلك) نصب ب (يدعو)، وهو بمعنى (الذي)، كأنه قيل: الذي هو الضلال البعيد يدعو، ثم استأنف فقال: {لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} ويكون في محل الرفع بالابتداء وخبره: {لَبِئْسَ الْمَوْلَى} عن الزجاج.

  · النزول: قيل: كان بعضهم إذا قدم المدينة مهاجرًا وصح جسمه، ونتجت مهرته مهرًا حسناً، وولدت امرأته غلاماً، وكثرت ماشيته، رضي به واطمأن إليه، وقال: ما أصبت مذ دخلت هذه الدار إلا خيرًا، وإن أصابه وجع بالمدينة، أو ولدت امرأته جارية، أو ذهب ماله وأُخِّرَتْ عنه الصدقة قال: ما أصبت مذ كنت على ديني هذا إلا شرًا، فنزلت الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ}، عن ابن عباس.