التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين 11 يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد 12 يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير 13 إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد 14 من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ 15}

صفحة 4924 - الجزء 7

  قلبه، عن الحسن، قال الحسن: الدين حرفان: أحدهما اللسان، والثاني القلب، فمن اعترف باللسان ولم يساعده قلبه فهو على حرف. «فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ» أي: صحة في بدنه وسعة في معيشته «اطْمَأَنَّ بِهِ» أي: سكن إليه «وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ» بلاء في جسمه وضيق في معاشه «انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ» أي: رجع إلى وجهه الذي كان عليه من الكفر طخَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ «أي: ذهب حظه في الدارين من العز والكرامة «ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ» البين الظاهر «يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ» يعني مَنْ يعبد اللَّه على حرف يعبد من دونه وينحاز إليه من دون اللَّه «مَا لاَ يَضُرُّهُ وَ [مَا] لاَ يَنْفَعُهُ» يعني الأوثان لا تنفع ولا تضر، وقيل: لا ينفعه إن أطاعه ولا يضره إن عصاه «ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ» أي: الذهاب عن الحق ذهاباً بعيداً «يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ» قيل: الأصنام، وقيل: الرؤساء.

  ومتى قيل: إذا كان الصنم لا ينفع ولا يضر، فكيف قال {ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ

  قلنا: قيل: معناه: هو لا ينفع وعبادته تضر، وقيل: معناه قرب ضره ونفعه بعيد أي: غير كائن، والعرب تستعمل البعد في النفي كقوله: {رَجْعٌ بَعِيدٌ}⁣[ق: ٣].

  وقيل: كانوا ينتفعون بقليل النفع في الدنيا لأجل موالاة عبدة الأوثان، وقيل: المولى المتبوع، والعشير التابع، وقيل: المولى ابن عم، يعني بئس القوم بنو عمهم بما يدعونهم إليه من الضلال، عن الحسن.

  ثم بين ما يُنالُ باتباع أمره إذا كان من تقدم ينال باتباعهم الضلال، فقال