التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم 19 يصهر به ما في بطونهم والجلود 20 ولهم مقامع من حديد 21 كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق 22 إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير 23 وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد 24}

صفحة 4938 - الجزء 7

  يهووا فيها، وقيل: إذا أرادوا الخروج من نار مخصوصة أعيدوا في نار أخرى، والأول أصح «وَذُوقُوا» أي: قيل لهم؛ يعني الملائكة يقولون لأهل النار: ذوقوا «عَذَابَ الْحَرِيقِ» كالأليم، يعني المؤلم.

  ثُمَّ بين تعالى حال الفرقة المحقة وما أعد لهم، فقال سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ يُدخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» يعني الجنة تنال بِهِمَا: العمل الصالح مع الإيمان «جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ» من تحت أبنيتها وأشجارها، قال أبو مسلم: والجنة اسم يقع على النخيل والأشجار أيضاً، «يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ» وهو جمع سوار، وهي حلية اليد «وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ» يعني الديباج، والرجال يحشرون على وجه تَحْسُنُ عليهم هذه الزينة كما تحسن للنساء في الدنيا «وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ» قيل: أرشدوا في الجنة إلى التحيات الحسنة يحيي بعضهم بعضاً، وتحيتهم: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، والحمد لله، عن ابن زيد. وقيل: البشارات التي تجيئهم من اللَّه تعالى على ألسنة الملائكة، عن أبي علي. وقيل: هو الكلام الحسن، فلا يسمعون في الجنة إلا ما يحبون، وقيل: هدوا في الدنيا إلى الطيب من القول وهو الإيمان «وَهُدُوا» أرشدوا «إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ» قيل: الدين، وقيل: إلى طريق الجنة، و «الحميد» قيل: المستحق للحمد، وقيل: المستحمد إلى عباده بنعمه، عن الحسن. أي: الطالب منهم أن يحمدوه، وعن النبي ÷: «ما أجد أب إلى اللَّه الحمد عن ذكره».