التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق 27 ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير 28 ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق 29 ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور 30}

صفحة 4949 - الجزء 7

  · المعنى: لما تقدم ذكر البيت بيّن ما يتعلق به من أمور الحج، فقال سبحانه: «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ» أي: نادِ وأَعْلِمْ، واختلفوا في المخاطب بهذا على قولين:

  أولهما: أنه عنى إبراهيم #، أي: وقلنا لإبراهيم لما بنى البيت: أعلم الناس بوجوب الحج، عن علي، وابن عباس، وهو قول أبي مسلم.

  وعن ابن عباس: قام إبراهيم في المقام، وقيل: على جبل أبي قبيس، فنادى: يا أيها الناس إن اللَّه قد دعاكم إلى الحج. وروي أنه قال: إن ربكم بنى بيتاً فحجوه، فأجابوه: بلبيك اللَّهم لبيك، عن ابن عباس. وروي عنه أن الناس أهل القبلة.

  ومتى قيل: أيصح ما روي أن صوته بلغ المشرق والمغرب، وأجابه كل حجر ومَدَرٍ، وسمعه مَن في أصلاب الرجال وأرحام النساء؟

  قلنا: أما بلوغ الصوت للمشرق والمغرب فجائز معجزة له، وإجابة الجماد ومن ليس بحي وسماعه مُحَالٌ، فهذا لا يجوز.

  وثانيهما: أن المخاطب به نبينا محمد ÷، أمره بأن يُعْلِمَ الناس بإيجاب الحج، ففعل ذلك في حجة الوداع، عن الحسن، وأبي علي، وجعلاه كلاماً مستأنفاً.

  «يَأْتُوكَ رِجَالًا» أي: على أرجلهم «وَعَلَى كُلّ ضَامِرٍ» أي: ركبانًا على كل ضامر،