قوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق 27 ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير 28 ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق 29 ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور 30}
  قال ذلك لأن الجاهلية لا يأكلون من لحوم هداياهم «وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ» قيل: البائس: الزَّمِنُ، وقيل: الذي أصابته الشدة، وقيل: الذي ظهر عليه أثر البؤس بأن مد يده إليك، والفقير المحتاج «ثُمَّ ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ» قيل: مناسك الحج كلها، عن ابن عباس، وابن عمر. وقيل: سائر محظورات الإحرام، أي: يزيلوا عن أنفسهم ما حرم عليهم بالإحرام، وقيل: مناسك الحج: أَخْذ الشارب، ونَتْف الإبط، وحلق العانة، وقص الأظفار، عن محمد بن كعب القرظي. وقيل: هو الشعر والظفر، عن عكرمة. وقيل: هو وضع الإحرام من حلق الرأس ولباس الثياب ونحوها، عن ابن عباس. «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ» قيل: كل ما نذر في الحج، عن مجاهد. وقيل: كل ما نذر من النذور، عن ابن عباس. والنذر: كل ما أوجبت على نفسك بعقد «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيتِ العَتِيقِ» قيل: أراد به طواف الزيارة؛ لأنه ركن في الحج، وبه يتحلل عن جميع محظورات الإحرام يوم النحر أو بعده، وقيل: هو طواف الصدر؛ لأنه عقيب المناسك كلها.
  ثم وصف البيت فقال: «الْعَتِيقِ»: هو الكعبة بالاتفاق، واختلفوا لِمَ سمي عتيقاً؟ قيل: لأنه أُعْتِقُ مِنْ مُلْكِ العَبْدِ، عن مجاهد، وسفيان بن عيينة،