التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق 27 ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير 28 ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق 29 ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور 30}

صفحة 4953 - الجزء 7

  حُرُمًا}⁣[المائدة: ٩٦]، «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوثَانِ» يعني عبادة الأوثان وتعظيمها، يعني عظموا اللَّهَ فإنه أهل التعظيم، ولا تعظموا الأوثان، وإنما سماه رجساً تشبيهاً؛ لأنه يجب اجتنابه كالرجس، وقيل: كانوا يلطخون الأوثان بدماء قربانهم، فسماه رجساً «وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» قيل: الكذب، وقيل: هو تلبية المشركين: إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك. وقيل: جميع الكذب في الأديان، وقيل: هو قولهم: الأوثان آلهة، عن أبي علي. «حُنَفَاءَ لِلَّهِ» أي: كونوا حنفاء، أي: مستقيمين مخلصين، وقيل: حجاجاً «غَيرَ مُشْرِكينَ بِهِ».

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الحج، وقد بينا أن الأَولَى أنه خطاب لهذه الأمة، ولأنه أتبعه بذكر أحكام تتصل بشريعتنا.

  وتدل على أنه نادى وأجابه الخلق، لذلك قال: «يأتوك»، وقد روي أنه دعا إلى الحج مرة بعد مرة، وشدد في أمره، وحث الناس عليه قولاً وفعلاً.

  ويدل قوله: «وَيَذْكُرُوا ...» الآية. أن للذبح مدخلاً في الحج وهو مقصود.

  والدماء ثلاثة:

  الأضحية، وذلك واجب عند أبي حنيفة، وسُنَّةٌ عند أبي يوسف ومحمد، ويجوز الأكل منها؛ لأنها نسك بالاتفاق.

  ودم جبران الحج، كجزاء الصيد وغيره من محظورات الإحرام، ولا يجوز الأكل منه بالاتفاق؛ لأنه دم جناية.