التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق 31 ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 32 لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق 33 ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين 34 الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 35}

صفحة 4957 - الجزء 7

  · الإعراب: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ} في محل النصب؛ لأنه صفة (المخبتين)، أو بدل عنه. ويقال: إلى ماذا تعود الهاء في قوله: «فإنها»؟

  قلنا: تعود إلى التعظيم، وقيل: إلى الخصلة من التعظيم.

  {وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ} حذف نون الجمع للإضافة.

  · المعنى: ثم ضرب مثلاً للمشركين في هلاكهم وضلالهم، فقال سبحانه: «وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ» قيل: يَعْبُدُ معه غيره، وقيل: يصفه بالشريك، وقيل: يَكْفُرُ، وكُلُّ كُفْرٍ شِرْكٌ، وكل شرك كفر «فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ» أي: سقط على وجهه إلى الأرض «فَتَخْطَفُهُ الطَّيرُ» أي: تسلب الطير لحمه كله «أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ» أي: تميل به ويسقط «فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ» بعيد مفرط في البعد، قيل: إنما شبه حاله بحال الهاوي في أنه لا يملك دفعاً، كذلك المشرك يوم القيامة لا يملك دفعاً، وقيل: شبه أعمال الكافر من حيث تبطل وتذهب، عن الحسن.

  ومتى قيل: مَنْ سقط من السماء لا يسلم، فلماذا ضم إليه {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ

  فجوابنا: قيل: تأكيداً وتغليظاً وتنبيهاً على عظم المحنة، وانقطاع النصرة، وقيل: جعل كل واحد مثلاً، تقديره: كأنه سقط من السماءِ، وكأنه تختطفه الطير، وهو ينتظر الهلاك، وكمن يهوي به الريح إلى مكان بعيد فلا يسلم.