التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون 36 لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين 37}

صفحة 4962 - الجزء 7

  وأصل الوجوب الوقوع، وجبت الشمس: إذا وقعت في المغيب للغروب، ووجب الحائط: وقع، ووجب القلب: اضطرب إذا ما وقع فيه ما يوجب اضطرابه، ووجب الفعل: إذا وقع ما يلزم به فعله، ووجب الميت: سقط ومات بوقوعه، ووجب البيع وجوباً.

  وقَنَعَ الرجلُ يَقْنَعُ قُنُوعًا إذا سأل، وقَنِعَ بكسر النون إذا رضي واكتفى، يَقْنَعُ قناعة وقَنْعًا وقُنْعَانًا.

  والمُعْتَرُّ والمعترى واحد، وروي عن الحسن أنه قرأ: (والمعترى) مِن: اعتراه يعتريه، ويحمل على أنه فسر به، والمعتر: المعترض للناس بالسؤال، يقال: عَرَوْتُهُ واعْتَرَيْتُهُ وعَرَرْتُهُ واعْتَرَرْتُهُ إذا أتيته تطلب إليه حاجة، ومنه: {إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا}⁣[هود: ٥٤] أي: عرض لك وأمسك، وعراه مَنْ غشيه، واعتراه همه.

  · الإعراب: الهاء في «جعلناها» كناية عن البدن.

  وأما الهاء في قوله: «لَكُمْ فِيهَا» يحتمل أن ترجع إلى البدن وكذلك في «جُنُوبُها» وكذلك في «سخرناها» و «لُحُومُهَا وَدِمَاؤُهَا».

  · النزول: قيل: كان أهل الجاهلية إذا نحروا البدن لطخوا حيطان الكعبة بدمائها، فأنزل اللَّه تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا}.