التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون 36 لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين 37}

صفحة 4964 - الجزء 7

  عن ابن زيد. وقيل: سقطت لتنحر «فَكُلُوا مِنْهَا» إباحة للأكل؛ لأنه كان يُظَنُّ أنه لا يجوز الأكل منها، كما في جزاء الصيد ونحوه، وقيل: كان أكل القرابين محرم على الأمم، وكانت تنزل نار من السماء بلا دخان ولا لهب مثل النور فتحرقه، فأباح لهذه الأمة أكلها، وقيل: فائدة الإباحة أن يشارك الغني الفقير في الأكل في القربان، فيحصل متواضعاً لله تعالى «وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» قيل: القانع الذي يقنع بما أعطي عنده ولا يسأل، والمعترّ الذي يعترض لك أن تطعمه من اللحم ولا يسأل، عن ابن عباس. وقيل: القانع الذي لا يسأل، والمعتر الذي يسأل، عن الحسن، وسعيد بن جبير. والمعتر الذي يتعرض ولا يسأل، عن الحسن. وقيل: المعتر جارك الغني، والمعتر الذي يعتريك من الناس، عن الحسن. وقيل: القانع المسكين الذي يطوف ويسأل، والمعتر الصديق الداني، عن زيد بن أسلم. وروي أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن ذلك فقال: القانع الذي يقنع بما أُعْطِيَ، والمعتر الذي يعتر الأبواب، أما سمعت قول زهير:

  عَلُى مْكثِرِيهمْ حَقُّ مَنْ يَعْتَرِيهِمْ ... وَعِندَ المُقِلِّين السماحةُ والبَذْلُ

  «كَذَلِكَ» قيل: تم الكلام هاهنا، أي: كذلك فافعلوا يعني كما أمرتكم فانحروا، وقيل: بل يتصل بما تقدم، أي: هكذا ذللنا البدن لكم مع شدة خلقها وقوتها وضعفكم خلاف السباع الممتنعة؛ لتنتفعوا بها بالركوب والحمل والنتاج