التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون 36 لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين 37}

صفحة 4965 - الجزء 7

  والصوف واللحم «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» أي: لكي تشكروا «لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا» قيل: لن يصل إلى اللَّه لحومها أي: لن يتقبل ذلك ولكن يتقبل التقوى، وقيل: لن يبلغ رضى اللَّه لحومُها ولا دماؤها «وَلَكِنْ» يبلغه «التَّقْوَى مِنْكُمْ» وهو إخلاص العبادة «كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ» أي: هكذا سخر اللَّه لكم البُدْن مع عظمها لتعبدوه وتعظموه قولاً وفعلاً «لِتُكَبِّرُوا» أي: تعظموه «عَلَى مَا هَدَاكُمْ» لأعلام دينه ومناسك حجه، وقيل: هداكم لوجه العبادة في نحرها وذبحها، وقيل: هو أن تقول: الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أبلانا وأولانا، وقيل: كرر التسخير؛ لأن الأول لإيجاب الشكر على التسخير، والثاني لتعظيم الشكر، لذلك قال: «لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ»، «وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ» قيل: بشرهم بحب اللَّه إياهم لقوله {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}⁣[آل عمران: ١٣٤]. وقيل: بشرهم بالجنة، والمحسن مَنْ يحسن في اعتقاده وقوله وعمله، وقيل: المحسن من أدى الفرائض وترك المعاصي.

  · الأحكام: تدل الآية أن كل نَحْرٍ من الشعائر، فيدخل فيه الأضحية والهدْي، والأقرب حمله على الأضحية؛ لأنها واجبة عند أبي حنيفة، وسنة عند أبي يوسف ومحمد؛ لأنها مذكورة بعد المناسك.