التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود 42 وقوم إبراهيم وقوم لوط 43 وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير 44 فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد 45}

صفحة 4977 - الجزء 7

  وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوط وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى» ولم يقل قومه؛ لأن قومه بني إسرائيل آمنوا به، وإنما كفر به فرعون وقومه «فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ» أي: أمهلتهم ولم أعاجلهم بالهلاك إقامة للحجة وإزاحة للعلة واستيفاء الآجال والأرزاق «ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ» بالعذاب «فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ» قيل: معناه سَلْهُمْ كيف كان نكيري عليهم، فلا ينبغي لهَؤُلَاءِ أن يغتروا بالإمهال، وقيل: كيف كان نكيري، ألم أبدلهم بالنعمة نقمة، وبالكثرة قلة، وبالحياة هلاكًا، وبالعمارة خراباً.

  ثم زاد في التحذير، فقال سبحانه: «فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ» أي كم قرية «وَهِيَ ظَالِمَةٌ» أي: أهلكناها ظالمة «فَهِيَ خَاوِيةٌ عَلَى عُرُوشِهَا» قيل: ساقطة على سقوفها، أي تهدمت الحيطان على السقوف، وقيل: خالية عن أهلها ساقطة على سقوفها «وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ» متروكة مخلاة عن أهلها، لا ينزح ماؤها لهلاك أهلها «وَقَصْرٍ مَشِيدٍ» قيل: رفيع طويل، عن قتادة، والضحاك، ومقاتل. وقيل: مجصص، عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة. وعن الضحاك أن هذه الآية كانت باليمن بحضرموت أهلك اللَّه أهلها.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الأمم كذبوا أنبياءها فأهلكهم اللَّه، وفيه تحذير عن مِثْلِ حالهم.