التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم 52 ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد 53 وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم 54 ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم 55}

صفحة 4987 - الجزء 7

  الملحدة؛ لأن الشيطان لا يمكنه أن يلقي في لسان النبي ÷، كيف وقد عصمه اللَّه تعالى عن ذلك، ولأن النبي، ÷ بمكة كان يقرأ هذا على غفلة من المشركين، ولأن معاداتهم له كانت أعظم من أن يسمعوا القراءة، ويسجدوا بسجدته، ولأنه أثبت له [من التمكين في الإلقاء والثبات في الحكمة]، ما أثبت لجميع [الرسل من قبله]، ثم لم يرو عن أحد مثل ذلك، علمنا أن المراد ما يقع بسهوٍ في المتشابه، ولأنه كُفْرٌ مِنْ قائله، فلا يجوز إضافته إلى النبي، وقد قال بعضهم: إنه قال ذلك على سبيل الاستفهام: أتلك الغرانيق العلا؟! قاله منكرًا، وعن بعضهم أنه أراد أهم عند اللَّه كالغرانيق العلا، وكل ذلك لا يصح؛ لأنه لا يجوز إدخاله في القرآن والقراءة خصوصاً في الصلاة، ولما فيه من الإيهام، فإما أن يكون الخبر غير صحيح، وإن صح فالتأويل ما ذكره الناصر للحق #.

  · النظم: يقال: كيف تتصل هذه الآية بما قبلها؟

  قلنا: فيه وجوه:

  أولها: قيل: لما تقدم ذكر الكفار وما متعهم به من الدنيا، ورأى رسول اللَّه ÷