قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم 52 ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد 53 وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم 54 ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم 55}
  فذكَرَهما لاختلاف اللفظتين، وقيل: بينهما فرق، فالرسول مَنْ يوحى إليه، والنبي من لا يوحى إليه، وهذا فاسد؛ لأنه تعالى قال: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ}[الأعراف: ٩٤] وقال: {يَاأَيُّهَا النَّبيُّ}[الأنفال: ٦٤] و {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ}[المائدة: ٤١] خاطبه مرة بالنبي ومرة بالرسول، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}[الحج: ٥٢] لأن كل من وجبت طاعته وقبول شريعته لا بد فيه من وحي ومعجز «إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ» قيل: إذا تلا الكتاب ألقى الشيطان في تلاوته حتى تختلف عليه التلاوة سهوًا كما تختلف علينا فنقرأ مكان «سميع عليم»: (حكيم عليم)، وندخل من سورة في سورة، عن أبي علي. وقيل: تمنى: أراد وأحب أن يفعل ما يتقرب به إلى اللَّه تعالى، أو شيئاً من أمور الدين فيما يوحى إليه، فيلقي الشيطان في خواطره ما يضاد الوحي من أشغال الدنيا وما يشغله عنه فيعصم اللَّه نبيه، ويحكم الله آياته فيرجع إلى اللَّه، فيبطل ما يلقيه الشيطان، عن أبي مسلم. وقيل: المراد تمنى الدنيا بقلبه عن وسوسة الشيطان عند الافتقار، فيذهب اللَّه ذلك عن قلبه بأن الوحي ينزل بحسب المصلحة لا على حسب ما